آخر الأخبار

السلة المغربية في العناية المركزة.. ولا طبيب لإنقاذها

 


شهدت كرة السلة الوطنية واحدة من أسوأ الفترات في تاريخها، بعدما تكبّد المنتخب الوطني عشر هزائم متتالية في البطولة العربية بمصر وتصفيات الأفروباسكيت، التي استضافتها بلادنا. سلسلة الهزائم هذه لم تكن مجرد إخفاق رياضي عابر، بل كانت انعكاسًا صارخًا للأزمة العميقة التي تعيشها هذه الرياضة، أزمة امتدت إلى كل مكوناتها: من غياب الجمهور إلى التغطية الإعلامية الباهتة، ومن غياب سياسة تسويقية واضحة إلى تحضيرات لا ترقى إلى مستوى المنافسة، أقرب ما تكون إلى إعداد وجبة سريعة دون قيمة غذائية، كما وصفها البعض.


لعب المنتخب ثلاث مباريات في ظرف ثلاثة أيام، وجاءت النتيجة كارثية، هزائم متتالية زلزلت قلوب عشاق هذه الرياضة. لم يكن الأمر مجرد فشل فني أو تكتيكي داخل الملعب، بل بدا وكأن المنتخب دخل البطولة بلا خطة، بلا تحضير جاد، وبلا طموح حقيقي لتحقيق نتائج مشرفة. كرة السلة التي كانت تُعرف يومًا بـ"رياضة المثقفين" باتت اليوم عنوانًا للمحسوبية والانتهازية، حيث أصبح تسييرها يخضع لمنطق المصالح الشخصية بدل العمل الجاد والمبني على الكفاءة.


الجميع مستاء، الجميع يشتكي، لكن في المقابل، الجميع يلتزم الصمت! حالة من اللامبالاة تسيطر على المشهد، وكأن الأمر أصبح قدرًا محتوماً لا يمكن تغييره. المسؤولية هنا لا تقع فقط على اللاعبين أو المدربين، بل تمتد إلى كل من يديرون دفة هذه الرياضة، ممن جعلوا كرة السلة الوطنية في مهب الريح، بلا رؤية واضحة، ولا استراتيجية للخروج من الأزمة. ورغم أن بعض الأصوات الشجاعة لا تزال تحاول دق ناقوس الخطر، فإن غياب المحاسبة يبقي الوضع على ما هو عليه، حيث لا أحد يتحمل المسؤولية عن هذا الفشل الذريع.


الحل واضح ومعروف لدى الجميع، لكنه يحتاج إلى إرادة حقيقية للإصلاح. إعادة بناء المنظومة الرياضية تبدأ من وضع استراتيجية واضحة للنهوض بكرة السلة، تعتمد على الاستثمار في التكوين عبر إنشاء مدارس تكوينية وإعداد جيل جديد قادر على المنافسة، وتحسين البنية التحتية وتأهيل الأندية المحلية لتكون قاعدة لتطوير المواهب، وإعادة هيكلة الإدارة الرياضية لضمان تسيير رياضي احترافي بعيدًا عن المصالح الشخصية، ووضع سياسة تسويقية فعالة لإعادة الثقة بين الجمهور والمنتخب الوطني، وتشجيع الإعلام على تقديم تغطية موضوعية وجادة تعكس واقع كرة السلة وتساهم في الدفع نحو التغيير.


كرة السلة الوطنية اليوم حزينة لما آلت إليه، لكن المسؤولية لا تقع فقط على من يسيّرونها، بل على الجميع. لا يمكن أن نطالب بالتغيير دون أن نكون جزءًا منه. إن كان هناك من ينهش في جسد هذه الرياضة، فهناك أيضًا من لا يزال يؤمن بقدرتها على النهوض، ويعمل بجد لإصلاح ما يمكن إصلاحه. تحية لكل العقول النيرة التي لا تزال تصرخ في وجه الفساد الرياضي، وتحية لكل من يعمل بصدق من أجل إعادة الاعتبار لكرة السلة المغربية. أما أولئك الذين يصمتون، فلا تقلقوا، فالتاريخ لن ينساهم، وستتحدث الأجيال القادمة عن هذه المرحلة كدرس قاسٍ لما لا يجب أن يكون عليه مستقبل الرياضة في بلادنا.


أحدث أقدم